القوى الناعمة المصرية ...فرص وتحديات




بقلم /  عبدالله نور الدين 



   مما لاشك فيه أننا أصبحا نعيش فى عالم تحكمه السماوات المفتوحة ووسائل الاتصال الحديثة وتكنولوجيا المعلومات وتقنيات الذكاء الاصطناعى التى حولت العالم إلى قرية صغيرة وساهمت فما يسمى بالانفتاح الثقافى كنتيجة حتمية لثورة الإتاحة المعلوماتية ومن هنا تظهر أهمية القوى الناعمة جنبا إلى جنب مع القوى الاقتصادية والعسكرية والسياسية حيث تشير القوى الناعمة إلى القدرة على فرض أجندة سياسية أو اقتصادية أوثقافية واجتذاب دول أخرى لتأيدها , إضافة على قدرتها على تشكيل رأى عالمى تجاه قضية بعينها  مع قدرتها على التأثير على الرأى العالم الداخلى وبناء قيم اجتماعية جديدة وتغيير للقيم والعادات والتقاليد الأصيلة للشعوب .

            قديما كان معيار القوة يحسب على قدر القوة العسكرية والاقتصادية للدول, والآن أصبحت القدرة على تسويق قضية ومنحها شرعية واجتذاب مؤيدين لها تعادل القدرات العسكرية وتحسب فى ميزان القوى الدولية, وهذا ما يعزز القول بأن النصر لا يعتمد فقط على جيش من انتصر , وإنما على قصة من سادت وانتشرت ، وتستمد القوى الناعمة قدرتها من مقدرات الدولة الثقافية ومكانتها التاريخية وسياساتها الداخلية والخارجية التى تتسم بالشرعية, يضاف إليها الآن فى عصر المعلومات امتلاكها لتقنيات تكنولوجية ووسائل اتصال حديثة تساهم فى عرض منتجاتها الثقافية .

      إن مصر تمتلك القدرة والمقومات الثقافية والتاريخية والبشرية على أن يكون لها ولقواها الناعمة التأثيرالكبير على المستوى العربى والعالمى, وأيضا على الحفاظ على تماسك النسيح الوطنى ودعم قيم الانتماء الوطنى ومحاربة كافة أشكال التطرف الفكرى وتعزيز الهوية  .

إن التاريخ والتراث الثقافى والحضارى المصرى يمنحنا ما لا تمتلكه أى دوله فى العالم من مشروعية القول بأننا أصل الحضارة ومنبعها وآثارنا تشهد بقوة وتمنحنا خيار الإبداع اللامتناهى وأصالة الفكر المتد وقوة التأثير الفاعل، كما أن غريزة الإبداع الفطرى المتأصلة فى الإنسان المصرى الذى استمدها من تنوع بيئته الثقافية التى ما هى إلا مزيح لحضارته الأصيله التى صهرت ثقافات تعاقبية عليها فأخرجت مكونا ثقافيا يصعب مقارنته بثقافات وحضارات أخرى .

        إذاً فمقومات تشكيل القوى الناعمة تتوافر بأقصى إمكانياتها المعضلة , وكيف يمكن استثمارها ومراقبتها وتقيمها  وقياس فاعليتها؟ حيث إنه لطالما كانت السمعة هامّة في السياسة العالمية، لكنّ دور المصداقية بات أكثر أهمية كمصدر للقوّة. والمعلومات التي تبدو على أنها دعائية (بروباغاندا)، قد لا تحظى بالازدراء فحسب، وإنما قد يتبيّن بأنها قد تأتي بنتائج عكسية كما يمكن للسياسات المحلية أو الخارجية التي تبدو منافقة أو صلفة أو لا مبالية بآراء الآخرين، أو تستند إلى تصوّر ضيّق للمصالح الوطنية والقومية أن تقوّض  فرص القوّة الناعمة .


                     إن الوصول لدرجة الاحترافية لأمر ممكن اذا أحسنت الإدارة، وإن الاستثمار فى القوى الناعمة أصبح أمرا ملحا ولا بد من تشكيل  هيئة متخصصه تحظى بإشراف عالى المستوى على المحتوى الثقافى بكافة أشكاله يكون هدفها إنتاج محتوى يسوق لأهداف الدولة  ويدعم قضاياها الدولية والداخلية ويسغل قدرات الإبداع ومقومات الحضارة اللا محدودة إلى جانب تشجيع المجتمع المدنى للخوض فى المشاركة والمساهمة حيث إن القوّة الناعمة لبلد لا تتوقف على سياسات حكومتها فحسب، وإنما تعتمد أيضاً على مدى جاذبية مجتمعها المدني وقدرتها على تشكيل الوعى المجتمعى والحفاظ على تراثه الثقافى والفكرى ، كما أن الإشراف على المحتوى الثقافى والإبداعى لا يقيد حرية الإبداع بأى شكل من أشكاله بل يتيح الفرصة لظهور الإبداع الحقيقى الذى يبرز مقومات وسمات حضارتنا العريقة ويدعم عادتنا وتقاليدنا الأصيلة ويساهم فى تعزيز هويتنا الوطنية .

تعليقات

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة

الأستاذ توفيق بن كاظم العواد يحتفل بزواج أبنه " محمد " في بلدة الملاحة

جمعية التطوع تطلق مركز " مفاز " لخدمة الإعلام الاجتماعي

" تكوين ميثاق أخلاقي لمهنة تربية الطفولة المبكرة " برسالة دكتوراة بطفولة المنصورة

وزير التعليم العالي ومحافظ الإسكندرية يشهدان تكريم المجلس الأعلى للجامعات للدكتور خالد العناني بجامعة الإسكندرية

شهادة دولية من اليونسكو فى حق التعليم المصرى

*في إطار رؤية مصر 2030 رئيس جامعة دمنهور في زيارة رسمية للمكتب الثقافي المصري بباريس لمناقشة آليات الشراكة مع المؤسسات التعليمية الفرنسية الرائدة

" مكتبة" التابعة لدائرة الثقافة والسياحة وجمعية الصحفيين الإماراتية تنظمان في مكتبة زايد المركزية بالعين ورشة بعنوان "مهارات توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام"

وزير التعليم العالي ورئيس جامعة الإسكندرية يفتتحان المرحلة الأولى من مشروع ترميم ورفع كفاءة مباني كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية

اوعى غرورك يقلب يضرب